تتوافر في المغرب مؤهلات سياحية عالمية جعلته يستقطب سنوياً نحو عشرة ملايين سائح، أغلبهم من أوروبا، بينما يحتل السياح العرب مرتبة متأخرة، وأدى ارتفاع عدد السياح إلى رفع قيمة مساهمة قطاع السياحة في الناتج الداخلي، حيث أصبحت السياحة تشكل ثاني مصدر للعملة الصعبة بعد تحويلات المهاجرين المغاربة، وتساهم السياحة كذلك في توفير مناصب الشغل وتطوير قطاع البناء ودعم الصناعة التقليدية وإنعاش المدن السياحية.
وتتعدد المؤهلات السياحية المتوافرة بالمغرب، وتشكل قوة تنافسية عالية المستوى على الصعيد الإقليمي والدولي، وتتمثل هذه المؤهلات في الطبيعة والتراث والثقافة والمجتمع، فالمغرب يتميز بموقع جغرافي استراتيجي، ومناظر طبيعية جذابة وتضاريس متنوعة من شواطئ وجبال وواحات وصحارى وسهول، كما يتوافر المغرب على تراث حضاري أصيل من فنون شعبية ومآثر عمرانية تجسد مختلف الفترات التاريخية للبلاد.
مليون سائح
سجل المغرب مؤخراً ارتفاعاً كبيراً في عدد السياح استناداً إلى الوتيرة المسجلة في التدفقات السياحية خلال الأشهر الأخيرة، حيث أكدت وزارة السياحة أن عدد السياح الوافدين إلى المغرب في يوليو الماضي ارتفع 10% بزيادة 4 % مقارنة بشهر يونيو الماضي، وذكرت الوزارة أن 1.071 مليون سائح أجنبي وصلوا إلى المغرب في يوليو وهو عادة أكثر أشهر السنة رواجاً. وكان أصحاب الفنادق والمسؤولون الحكوميون يخشون من تراجع أعداد السياح هذا الموسم بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي وشهر رمضان الذي جاء هذا العام في منتصف موسم العطلة الصيفية.
وحقق المغرب هذه الأرقام والنتائج الجيدة في جذب السياح، مستغلاً مؤهلاته الطبيعية والحضارية المميزة، فالمغرب الذي لا تفصله عن أوربا سوى كيلومترات قليلة يقع في شمال غرب أفريقيا، يحده شمالاً البحر المتوسط وجنوباً موريتانيا وشرقاً الجزائر وغرباً المحيط الأطلسي، ويتجاوز طول سواحله 3500 كيلومتر، وقد ساعد هذا الموقع الاستراتيجي المغرب في أن يتحل مكانة متقدمة على خريطة السياحة العالمية، حيث أصبح الوجهة المفضلة للسياح الأوربيين. ويمنح هذا الموقع المغرب مناخاً مميزاً، فهو معتدل ومتنوع من منطقة لأخرى، حيث تتميز مناطق الشمال والوسط بمناخ معتدل بارد في الشتاء وحار في الصيف، بينما يسود مناخ حار وجاف الجنوب، حيث الصحراء التي تحتل ثلث الأراضي المغربية. ويسمح هذا المناخ للسياح بالاستجمام وممارسة هوايات مختلفة، مثل التزلج على الجليد والسباحة والغوص والقيام بالجولات البرية ورحلات السفاري وتسلق الجبال.
يزخر المغرب بمناظر طبيعية وسياحية جميلة كالشواطئ الجميلة الممتدة على واجهتين بحريتين وسلاسل جبال الأطلس التي يصل ارتفاع بعض قممها إلى أكثر من أربعة آلاف متر، وتفصل بين كل سلسلة من الجبال سهول وشلالات وعيون مائية وغابات الصنوبر والأرز والبلوط، وفي الجنوب والشرق نجد الصحارى والهضاب والحمامات المعدنية العلاجية والمغارات التي تسمح للسياح بممارسة هوايات مختلفة.
وخلّفت الدول التي تعاقبت على حكم المغرب حضارات غنية ومختلفة، فقد مرَّ من هذه الأرض أمواج من الفينيقيين والقرطاجيين والبيزنطيين والرومان، ثم العرب والبرتغال والإسبان والفرنسيين، وقد خلّفت هذه الحضارات مآثر تاريخية من مدن وقصور ومنارات وأسوار ومساجد تشكل أروع صفحات التاريخ المغربي، كما أثرت هذه الحضارات في التكوين البشري وفي العادات الاجتماعية والصناعات التقليدية، وأصبح المغرب عالماً واسعاً يمتزج فيه الواقع بالأساطير والأعراف الغريبة بالعادات والتقاليد العربية، ولا تزال المدن الأثرية القديمة تشهد على غنى هذه الحضارات من خلال المواسم والمهرجانات التي تقام أسبوعياً وتتناغم فيه الأنماط الموسيقية بالحكايات والمغامرات العجيبة، والأساطير التي تذكر بالعصور الغابرة.
ورغم توافر هذه الثروة السياحية المميزة والمقومات التجهيزية من فنادق فخمة ومركبات سياحية ضخمة، لا يزال قطاع السياحة بالمغرب في حاجة إلى تطوير، من خلال القضاء على المشاكل التي تواجه السياحة المغربية كموسمية القطاع السياحي، حيث ترتفع الليالي السياحية فقط خلال الصيف، وعدم انتظام الرحلات الجوية وضعف جودة الخدمات المرتبطة بالسياحة وغياب وسائل التنشيط والبرامج السياحية والعروض المخفضة، وغياب الحملات الإعلانية على مستوى وزارة السياحة ووكالات الأسفار.
الفرنسيون يفضلون الاصطياف في المغرب
سجلت وزارة السياحة المغربية ارتفاع أعداد السائحين البريطانيين ثم الإيطاليين ثم الإسبان، حيث بلغ عدد السياح من هذه الجنسيات أرقاماً قياسية حسب إحصاءات وزارة السياحة. ويأتي الفرنسيون في مقدمة السياح الذين يزورن المغرب ويحتل الإسبان المرتبة الثانية ثم البريطانيون في المرتبة الثالثة والإيطاليون في المرتبة الرابعة، وجاءت مدينة مراكش (وسط المغرب) في المرتبة الأولى من حيث استقبال السياح الأجانب، تلتها العاصمة الرباط (غرب)، ثم أغادير (جنوب) في المرتبة الثالثة، وفي المرتبة الرابعة تأتي مدينة طنجة (أقصى الشمال).