توجود تريليونات من الخلايا في جسم الإنسان، كلّ خليّة تخفي في طياتها العديد من الخصائص الفيزيولوجية للكائن الحي• حسناً، أين تختفي هذه الخصوصيات السرية يا ترى؟ هذا ما سنتناوله بالشرح•
توجد نواة تسمّى DNA تحتوى على كلّ المعلومات عن جسم الإنسان، مثل لون الشعر و العيون و الأعضاء الداخلية و المظهر الخارجي للجسم و الطول••• و تخزن هذه المعلومات في DNA بطريقة الرموز، و يرمز إليها من خلال 4 أحرف مختلفة هي : A ) أ ) و T ) ت ) و G ) ق ) و C ) س )، و كلّ حرف يشير إلى الحرف الأوّل من اسم الجزيء• كما ترسم هذه الأحرف الأربعة بشكل مختلف لأنها مشحونة بمعلومات مختلفة، وترتيبها يشبه الترتيب الألفبائي المكون للأحرف الألف بائيّة
مثلا: يوجد في حروفنا الألفبائية 28 حرفاً، وهذه الأحرف نكوّن بها خطوطاً وكلمات مختلفة، كذلك الأحرف الأربعة التي توجد في DNA رسمت في أشكال مختلفة لتعبر عن مخزون معلومات مختلفة علمياً و أنه يوجد في DNA مخزون كبير من المعلومات• ولمعرفة مدى كثرة هذه المعلومات الموجودة نقوم بهذه المقارنة:
لنفترض أنه تيسر لنا إفراغ المعلومات الموجودة داخل DNA في مجلّدات يضمّ كلّ مجلّد 500 صفحة فعلينا عندئذ تخصيص مكتبة كبيرة تضمّ حوالي 900 مجلّد وبالتالى فنحن في حاجة إلى توفير مكتبة بحجم ساحة كرة القدم إذا أردنا رص هذه الموسوعات• هكذا ترون أن كل هذا المخزون من المعلومات اتّسعت له جزئية صغيرة فقط يستحيل علينا رؤيتها بالعين المجرّدة•
هل تعرفون كم تستغرق عملية النسخ هذه ؟ إنها تستغرق ما بين 20 إلى 80 دقيقة تقريباً .
انتبه عزيزي القارئ، هذا يعني أنه يتم نسخ مليون صفحة في مدة تتراوح ما بين 20 إلى 80 دقيقة دون أن يكون هناك أي نوع من الخطأ والنقص، فحتى وقتنا الحاضر لا يوجد أي نوع من أنواع التكنولوجيا المتطورة في النسخ تستطيع أن تقوم بعملية كهذه خلال مدة قصيرة، المدة التي ذكرت من قبل دون خطأ أو نقص ولاحظ بأن الذي يقوم بعملية النسخ (DNA)ليس أجهزة تكنولوجية بل خلايا لا يمكننا رؤيتها بالعين المجردة.
حسناً، من واضع تلك المعلومات في تلك الجزيئات؟ ومن الذي عبّأ كلّ هذه المعلومات في مكان صغير جدّاً؟
التطوّريّون يضطرّون إلى القول أنّ كلّ هذا حصل عن طريق المصادفة، لكن مثل هذا الشيء يستحيل حصوله عن طريق المصادفة العمياء•
ضربنا لكم سلفا مثال المكتبة، وقلنا أنّ المعلومات المخزونة داخل DNA تتسع لمكتبة في حجم ساحة كرة القدم• فهل تصدقون أنّ معلومات الموسوعة التي امتلأت بها المكتبة قد كتبت عن طريق المصادفة؟ أم أنّ الذي أعدّ هذه الموسوعات هم أساتذة وعلماء ثمّ طبعت هذه الموسوعات بدار الطباعة؟ طبعاً ستفكّرون فيما يتناسب مع العقل•
هل تدرون ماذا يشبه قول التطوريين بأنّ DNA تكوّنت عن طريق المصادفة؟ إنه يشبه قول أحدهم: ''إنّ انفجاراً وقع في دار الطباعة وكانت نتيجة هذا الانفجار ظهور مكتبة''• أو بينما كنتم تجلسون داخل فصل المدرسة وجدتم فوق الطاولة صفحة كتب عليها '' الخاصيات الجغرافية لتركيا '' فإذا قال لكم صديقكم: '' قبل قليل، كانت قارورة حبر فوق الورقة فإذا بي، وعن غير قصد ضربت الطاولة فانصبّ الحبر فوق الورقة وظهرت هذه الكتابة''• حتماً سيداخلكم الريب في صحة سلامة عقله•
التطوريون هكذا تماما، يدّعون أشياء أكثر سذاجة من ذلك• فإذا كانت صفحة واحدة لا يمكن أن تكتب بالمصادفة، إذ لا بد من وجود كاتب لها، فما بالك ببنك المعلومات DNA الذي كتب فيه ملايين الصفحات؟ هل يمكن أن يكون من صنع المصادفة؟
وهنا نرجع إلى صلب موضوعنا وهو أن من الواضح ومما لا ريب فيه أن خالق هذا النظام المبدع الذي مازال مستمراً في خلقه منذ مليارات السنين هو صاحب العلم و القدرة، هو الله جل شأنه رب العالمين.
وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً سورة النساء آية 126
إنّ الله خالق DNA وهو العليّ القويّ وسعت قدرته السّماوات والأرض•
المصدر : هارون يحيى باللغة العربية